- المدير العام
- عدد المساهمات : 497
نقاط : 8167
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 27/02/2009
العمر : 31
الموقع : www.rbk5.yoo7.com
تحمل المشقات والضرب في سبيل الدعوة لإحياء الدين
الثلاثاء 22 ديسمبر - 4:21:50
تحمل المشقات والضرب في سبيل الدعوة لإحياء الدين :
لقد كانت علامات الأذى والضرب تبدو واضحة على جسم الرسول صلى عليه وسلم مخبرة عما تحمله في سبيل هذا الدين حيث يصعب لإحاطة بها، ولكن على سبيل المثال لا الحصر نذكر بعض القصص لنعلم كم تحمل حبيب الله وخير خلقه من أجل هذا العمل المبارك وكيف نحن جلسنا عن هذا العمل ولم نبالي بتركه، (عن عروة بن الزبير قال: سألت ابن العاص فقلت أخبرني باشد ما صنعه المشركون برسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بينما النبي عليه الصلاة والسلام يصلي في حجر الكعبة إذ اقبل عليه عقبة بن أبي معيط فوضع ثوبه على عنقه فخنقه خنقاً شديداً فأقبل ابو بكر رضي الله عنه فدفعه عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال: أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله؟! وقد جاءكم بالبينات من ربكم). بيتان د3، ص43.
وفي بعض الأحيان كانوا يضعون الشوك في طريقه في ظلمة الليل حتى يدموا قدميه، وعلى باب بيته يضعون الأوساخ كي ينالوا من صحته وكان يقول لهم بئس الجوار هذا يا معشر قريش. (رحمة العالمين، ص42).
ومرة كان عليه الصلاة والسلام يصلي في الكعبة وبعض رجالات قريش جلوس في الحجر فقال أبو جهل: ذبح اليوم زور عند بني فلان فأيكم يأتينا بفرثها منكفئة عليه، فانطلق أشقاهم عقبة بن أبي معيط فأتى به فألقاه على كتفه وهو سجد، فلما فعلوا ذلك تضاحكوا وأخذوا يميلون على بعضهم، فيقول ابن مسعود رضي الله عنه: حدث ذلك وأنا قائم لا أستطيع أن أتكلم وليس عندي منعة تمنعني، حتى أقبلت السيدة فاطمة رضي الله عنها فألقت ذلك عن عائشة واستقبلت قريشاً تسبهم. رحمة العالمين، ص43.
فإذا تفكرنا بعمق لهذا العمل المبارك كم من الأذى والمشقات أصابت جسمه الشريف صلوات الله وسلامه عليه وتحملها من أجل الدعوة لهذا الدين الحنيف حيث أعطى هذه الأمة درساً عملياً في الدعوة والتبليغ حتى يبقى نموذجاً حياً، للأجيال القادمة، لكن هذه الأمة لم تقدر هذا العمل، ولم تحسب له حساب، فوقعت في الذلة ولم يقدرها أحد.
فهيا بنا نقوم بهذا العمل على نهج الرسول صلى الله عليه وسلم حتى نتحصل على عزة الدنيا ونعيم الآخرة.
طريقة العمل
وحتى يترقى فينا الإسلام وفي العالم، علينا أن نتحمل الشدائد والمصائب، ونصبر على آذى الجسم، ولو اقتضى ذلك أن نقدم أرواحنا فتقدمها غير مبالين من أجل إحياء الدين وإشاعته في أنحاء المعمورة. فاعتياد التضحية براحة الجسم، وتعريف المسلم بأن تحمل المصائب والمشقات والظلم والمصاعب بجميع أنواعها لا يُذكر بالنسبة لما أعد الله للمؤمنين من الأجر في الآخرة. وعلينا كذلك ترك التنعم والترف والنوم وتعويد الجسم على الصبر وتحمل الأذى والشدائد لأجل الدين، وكذلك تعلم الإيثار والتضحيات بأنفسنا وإقامة الآخرين، واستنفارهم على هذا العمل، وإذا كان هناك من يريد تبليغ الدين وإشاعته وهو جالس على الفراش فهذه ليست طريقة النبي عليه الصلاة والسلام وإن ذلك ابعد ما يكون عن النجاح وبلوغ المرام.
عمل الصحابة رضي الله عنهم :
الدعوة الخصوصية: علاوة على ما تعلمه الصحابة رضي الله عنهم من الاستقامة والصبر والتحمل من الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه، فقد تعلموا أيضاً كيف يكون عمل الدعوة وظيفة لا يجوز التهاون فيها، وأنها باقية في اتباع النبي عليه الصلاة والسلام حتى لا تفهم الأجيال القادمة أن الدعوة مقصورة على الأنبياء وحدهم وأنه إذا انتقل النبي إلى الرفيق الأعلى فهذا العمل ليس ضروري لنا، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم من البداية جعل الأمة شريكة له في عمله وجعلهم دعاة إلى أقوام العالم، فهم كذلك قد أخذوا في تبليغ هذا الدين حصة وافية، واستمروا بالقيام بهذا العمل بالصبر والاستقامة على الرغم من الشدائد والمشقات التي اعترضتهم، فقد كتب صاحب كتاب البداية:
1- قال محمد بن إسحق: فلما اسلم أبو بكر وأظهر إسلامه دعا إلى الله عز وجل، وكان ابو بكر مألوفاً لقومه محباً سهلاً، وكان أنسب قريش لقريش، وأعلم قريش بما كان فيها من خير وشر، وكان رجلاً تاجراً ذا خلق معروف وكان رجال قومه يأتونه لغير واحد من الأمر، لعلمه وتجارته وحسن مجالسته، فجعل يدعو إلى الإسلام من وثق به من قومه ممن يغشاه ويجلس إليه، فأسلم على يديه الزبير بن العوام وعثمان بن عفان وطلحة بن عبيد الله، (إلى أن قال) فلما اسلم أبو بكر وطلحة أهدهما نوفل بن خويلد العدوية وكان يُدعى اسد قريش فشدهما في حبل واحد ولم يمنعهما بنو تيم فذلك سمي أبو بكر وطلحة القرينين وقال النبي صلى الله عليه وسلم "اللهم أكفنا شر ابن العدوية" (رواه البيهقي، بداية ج3، ص339).
الفائدة :
هكذا كان فكر المسلمين في أول مراحل الدعوة فبعد الدخول في الإسلام عرفوا أن تبليغ الدين أهم هندهم من التجارات والمشاغل المختلفة، فهم عندما قالوا لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله، قاموا منذ البداية ووضعوا نصب أعينهم إنقاذ الملايين من البشر إلى طريق النجاة وربطوا تعلق هذه النفوس بمالك الملك، ولكن من المحزن في هذا الزمان أن من قالوا هذه الكلمة آلاف المرات. ومن هم مشغولين في الصلوات والعبادات لا يقومون ولو حتى بجهد بسيط لنشر دين الله لهذا علينا الاقتداء بمسلمي العهد الأول في تضحيتهم للدين كي نجعل في حياتنا الحركة والتنقل للدين كما كانوا وعلى منهاجهم.
2- هذا وقد كتب صاحب البداية والنهاية في بيان حماس وهمة أبي ذر في الدعوة إلى الله … فسمع من قوله فأسلم مكانه. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم "ارجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك من أمري". فقال: والذي بعثك بالحق لأصرخن بها بين ظهر أنهم فخرج حتى أتى المسجد فنادى بأعلى صوته اشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ثم قاموا فضربوه حتى أضجعوه فأتى العباس فأكب عليه فقال: ويلكم ألستم تعلمون أنه من غفار وأنه طريق تجارتكم إلى الشام فأنقذه منهم ثم عاد من الغد بمثلها فضربوه وثاروا إليه فأكب عليه العباس. (البداية ج3، ص34).
الفائــدة :
من هذه الواقعات تبين لنا مدى استعدادهم للتحمل من أجل الدين منذ البداية، حيث لم يتحصل بعد على علم الدين ولا الصلاة ولم يكن عنده الفكر للمال والملك ولم يكن توجهه للحصول على المنصب أو أي شيء، بل تعلم الكلمة الطيبة لا إله إلا الله محمد رسول الله، وخرج داعياً، فمن أجل الدعوة وضع النفس والجسم في المجاهدة وبعدها رجع إلى بيته ليس للجلوس بل استمر في دعوة قومه وبدأوا يدخلون في الدين تباعاً حتى دخل كل قومه في الإسلام بعد دعوته لهم وبذل الجهد، وبالقرب منه كانت تسكن قبيلة اسلم وفيهم أيضاً أثرت دعوته وهم كذلك اسلموا، فعندما هاجر الرسول عليه الصلاة والسلام إلى المدينة كانت القبيلتان قد أسلمتا، ومن هنا نفهم أن دعوة الإسلام ليست محتاجة لأهل الملك والمال كي تنتشر لكنها تريد منا لوجودها وانتشارها أن نقتدي بهؤلاء الرجال الذين قدموا التضحيات والجهد مخلصين لا يبتغون العاجلة. وهم كذلك بالرغم من البيئة المخالفة والعادات والأحوال المخالفة استمروا في تقديم الجهد والتضحيات يبتغون إرضاء الله تعالى، فأعطوا الأمة الإسلامية درساً إلى يوم القيامة ووجدوا أن دعوة الإسلام لا تقوم بقوة الحكومة وبكثرة الأموال والجيوش والعدة بل بواسطة المجاهدة والتضحية والتمسك بالطريق التي تعلموها من الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه.
الدعوة العمومية
إنّ السابقين في هذه الأمة جعلوا الدعوة إلى الله مقصد حياتهم، بمن أول يوم رفوا فيه الإسلام وآمنوا به حتى أن موتهم وحياتهم كانت لأجل الدعوة، فقد كان الصديق رضي الله عنه تاجراً ولكنه بعد الإيمان أصبح مشغولاً بدعوة الناس إلى الله ليلاً ونهاراً، وفي هذه الأثناء كان يلتقي بأنواع الناس ويتحمل منهم شتى أنواع المشقات والعناء والأذى، ومع كل هذا فهو لم يجلس عن هذا العمل ولا ليوم واحد فهو يتكلم إلى الناس واحداً واحداً ويدعوهم إلى الإسلام، حتى إذا انقضت فترة من الزمن على الدعوة الإنفرادية ودخل في الدين قرابة ثمانية وثلاثون رجلاً الحَّ أبو بكر رضي الله عنه على الرسول صلى الله عليه وسلم في الظهور بالدعوة، والجهر بها في المسجد الحرام وفي المجامع العامة ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام دعاه إلى الانتظار والتريث لقلة عدد المسلمين بحيث ا يمكنهم المشقات والعذابتحمل في سبيل الجهر بالدعوة.
ومع زيادة الإلحاح والطلب المتوالي ظهر ميدان الدعوة العمومية وقام الصديق لأكبر داعياً إلى الله تعالى. يذكر لنا صاحب البداية والنهاية قصة ابي بكر وما لاقاه من الكفار من الأذى حين طلب من النبي صلى الله عليه وسلم إعلان الإسلام والدعوة إليه أمام قريش وهي قصة معلومة، وبعد ذلك فقد كان أبو بكر صاحب حظ عظيم حيث أنه في ذلك اليوم في الصباح ضرب بالنعل وفي المساء حبيب الله وصفيه يقبله على الوجه الذي ضرب عليه فقال أبو بكر: (بأبي أنت وأمي يا رسول الله ليس بي بأس إلا ما نال الفاسق من وجهي وهذه أمي برة بولدها وأنت مبارك فادعها إلى الله وادع الله لها عسى الله أن يستنقذها بك من النار فدعا لها رسول الله ودعاها إلى الله فأسلمت). وفي ذلك اليوم أسلم حمزة عم الرسول ورضي الله عنه، ودعا النبي صلى الله عليه وسلم نتيجة لهذه التضحيات بالإسلام لأحد العمرين عمر بن الخطاب أو عمرو بن هشام فكانت الدعوة يوم الأربعاء وأسلم عمر بن الخطاب يوم الخميس وذلك ببركة تضحيات أخته وزوجها.
لقد كانت علامات الأذى والضرب تبدو واضحة على جسم الرسول صلى عليه وسلم مخبرة عما تحمله في سبيل هذا الدين حيث يصعب لإحاطة بها، ولكن على سبيل المثال لا الحصر نذكر بعض القصص لنعلم كم تحمل حبيب الله وخير خلقه من أجل هذا العمل المبارك وكيف نحن جلسنا عن هذا العمل ولم نبالي بتركه، (عن عروة بن الزبير قال: سألت ابن العاص فقلت أخبرني باشد ما صنعه المشركون برسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بينما النبي عليه الصلاة والسلام يصلي في حجر الكعبة إذ اقبل عليه عقبة بن أبي معيط فوضع ثوبه على عنقه فخنقه خنقاً شديداً فأقبل ابو بكر رضي الله عنه فدفعه عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال: أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله؟! وقد جاءكم بالبينات من ربكم). بيتان د3، ص43.
وفي بعض الأحيان كانوا يضعون الشوك في طريقه في ظلمة الليل حتى يدموا قدميه، وعلى باب بيته يضعون الأوساخ كي ينالوا من صحته وكان يقول لهم بئس الجوار هذا يا معشر قريش. (رحمة العالمين، ص42).
ومرة كان عليه الصلاة والسلام يصلي في الكعبة وبعض رجالات قريش جلوس في الحجر فقال أبو جهل: ذبح اليوم زور عند بني فلان فأيكم يأتينا بفرثها منكفئة عليه، فانطلق أشقاهم عقبة بن أبي معيط فأتى به فألقاه على كتفه وهو سجد، فلما فعلوا ذلك تضاحكوا وأخذوا يميلون على بعضهم، فيقول ابن مسعود رضي الله عنه: حدث ذلك وأنا قائم لا أستطيع أن أتكلم وليس عندي منعة تمنعني، حتى أقبلت السيدة فاطمة رضي الله عنها فألقت ذلك عن عائشة واستقبلت قريشاً تسبهم. رحمة العالمين، ص43.
فإذا تفكرنا بعمق لهذا العمل المبارك كم من الأذى والمشقات أصابت جسمه الشريف صلوات الله وسلامه عليه وتحملها من أجل الدعوة لهذا الدين الحنيف حيث أعطى هذه الأمة درساً عملياً في الدعوة والتبليغ حتى يبقى نموذجاً حياً، للأجيال القادمة، لكن هذه الأمة لم تقدر هذا العمل، ولم تحسب له حساب، فوقعت في الذلة ولم يقدرها أحد.
فهيا بنا نقوم بهذا العمل على نهج الرسول صلى الله عليه وسلم حتى نتحصل على عزة الدنيا ونعيم الآخرة.
طريقة العمل
وحتى يترقى فينا الإسلام وفي العالم، علينا أن نتحمل الشدائد والمصائب، ونصبر على آذى الجسم، ولو اقتضى ذلك أن نقدم أرواحنا فتقدمها غير مبالين من أجل إحياء الدين وإشاعته في أنحاء المعمورة. فاعتياد التضحية براحة الجسم، وتعريف المسلم بأن تحمل المصائب والمشقات والظلم والمصاعب بجميع أنواعها لا يُذكر بالنسبة لما أعد الله للمؤمنين من الأجر في الآخرة. وعلينا كذلك ترك التنعم والترف والنوم وتعويد الجسم على الصبر وتحمل الأذى والشدائد لأجل الدين، وكذلك تعلم الإيثار والتضحيات بأنفسنا وإقامة الآخرين، واستنفارهم على هذا العمل، وإذا كان هناك من يريد تبليغ الدين وإشاعته وهو جالس على الفراش فهذه ليست طريقة النبي عليه الصلاة والسلام وإن ذلك ابعد ما يكون عن النجاح وبلوغ المرام.
عمل الصحابة رضي الله عنهم :
الدعوة الخصوصية: علاوة على ما تعلمه الصحابة رضي الله عنهم من الاستقامة والصبر والتحمل من الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه، فقد تعلموا أيضاً كيف يكون عمل الدعوة وظيفة لا يجوز التهاون فيها، وأنها باقية في اتباع النبي عليه الصلاة والسلام حتى لا تفهم الأجيال القادمة أن الدعوة مقصورة على الأنبياء وحدهم وأنه إذا انتقل النبي إلى الرفيق الأعلى فهذا العمل ليس ضروري لنا، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم من البداية جعل الأمة شريكة له في عمله وجعلهم دعاة إلى أقوام العالم، فهم كذلك قد أخذوا في تبليغ هذا الدين حصة وافية، واستمروا بالقيام بهذا العمل بالصبر والاستقامة على الرغم من الشدائد والمشقات التي اعترضتهم، فقد كتب صاحب كتاب البداية:
1- قال محمد بن إسحق: فلما اسلم أبو بكر وأظهر إسلامه دعا إلى الله عز وجل، وكان ابو بكر مألوفاً لقومه محباً سهلاً، وكان أنسب قريش لقريش، وأعلم قريش بما كان فيها من خير وشر، وكان رجلاً تاجراً ذا خلق معروف وكان رجال قومه يأتونه لغير واحد من الأمر، لعلمه وتجارته وحسن مجالسته، فجعل يدعو إلى الإسلام من وثق به من قومه ممن يغشاه ويجلس إليه، فأسلم على يديه الزبير بن العوام وعثمان بن عفان وطلحة بن عبيد الله، (إلى أن قال) فلما اسلم أبو بكر وطلحة أهدهما نوفل بن خويلد العدوية وكان يُدعى اسد قريش فشدهما في حبل واحد ولم يمنعهما بنو تيم فذلك سمي أبو بكر وطلحة القرينين وقال النبي صلى الله عليه وسلم "اللهم أكفنا شر ابن العدوية" (رواه البيهقي، بداية ج3، ص339).
الفائدة :
هكذا كان فكر المسلمين في أول مراحل الدعوة فبعد الدخول في الإسلام عرفوا أن تبليغ الدين أهم هندهم من التجارات والمشاغل المختلفة، فهم عندما قالوا لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله، قاموا منذ البداية ووضعوا نصب أعينهم إنقاذ الملايين من البشر إلى طريق النجاة وربطوا تعلق هذه النفوس بمالك الملك، ولكن من المحزن في هذا الزمان أن من قالوا هذه الكلمة آلاف المرات. ومن هم مشغولين في الصلوات والعبادات لا يقومون ولو حتى بجهد بسيط لنشر دين الله لهذا علينا الاقتداء بمسلمي العهد الأول في تضحيتهم للدين كي نجعل في حياتنا الحركة والتنقل للدين كما كانوا وعلى منهاجهم.
2- هذا وقد كتب صاحب البداية والنهاية في بيان حماس وهمة أبي ذر في الدعوة إلى الله … فسمع من قوله فأسلم مكانه. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم "ارجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك من أمري". فقال: والذي بعثك بالحق لأصرخن بها بين ظهر أنهم فخرج حتى أتى المسجد فنادى بأعلى صوته اشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ثم قاموا فضربوه حتى أضجعوه فأتى العباس فأكب عليه فقال: ويلكم ألستم تعلمون أنه من غفار وأنه طريق تجارتكم إلى الشام فأنقذه منهم ثم عاد من الغد بمثلها فضربوه وثاروا إليه فأكب عليه العباس. (البداية ج3، ص34).
الفائــدة :
من هذه الواقعات تبين لنا مدى استعدادهم للتحمل من أجل الدين منذ البداية، حيث لم يتحصل بعد على علم الدين ولا الصلاة ولم يكن عنده الفكر للمال والملك ولم يكن توجهه للحصول على المنصب أو أي شيء، بل تعلم الكلمة الطيبة لا إله إلا الله محمد رسول الله، وخرج داعياً، فمن أجل الدعوة وضع النفس والجسم في المجاهدة وبعدها رجع إلى بيته ليس للجلوس بل استمر في دعوة قومه وبدأوا يدخلون في الدين تباعاً حتى دخل كل قومه في الإسلام بعد دعوته لهم وبذل الجهد، وبالقرب منه كانت تسكن قبيلة اسلم وفيهم أيضاً أثرت دعوته وهم كذلك اسلموا، فعندما هاجر الرسول عليه الصلاة والسلام إلى المدينة كانت القبيلتان قد أسلمتا، ومن هنا نفهم أن دعوة الإسلام ليست محتاجة لأهل الملك والمال كي تنتشر لكنها تريد منا لوجودها وانتشارها أن نقتدي بهؤلاء الرجال الذين قدموا التضحيات والجهد مخلصين لا يبتغون العاجلة. وهم كذلك بالرغم من البيئة المخالفة والعادات والأحوال المخالفة استمروا في تقديم الجهد والتضحيات يبتغون إرضاء الله تعالى، فأعطوا الأمة الإسلامية درساً إلى يوم القيامة ووجدوا أن دعوة الإسلام لا تقوم بقوة الحكومة وبكثرة الأموال والجيوش والعدة بل بواسطة المجاهدة والتضحية والتمسك بالطريق التي تعلموها من الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه.
الدعوة العمومية
إنّ السابقين في هذه الأمة جعلوا الدعوة إلى الله مقصد حياتهم، بمن أول يوم رفوا فيه الإسلام وآمنوا به حتى أن موتهم وحياتهم كانت لأجل الدعوة، فقد كان الصديق رضي الله عنه تاجراً ولكنه بعد الإيمان أصبح مشغولاً بدعوة الناس إلى الله ليلاً ونهاراً، وفي هذه الأثناء كان يلتقي بأنواع الناس ويتحمل منهم شتى أنواع المشقات والعناء والأذى، ومع كل هذا فهو لم يجلس عن هذا العمل ولا ليوم واحد فهو يتكلم إلى الناس واحداً واحداً ويدعوهم إلى الإسلام، حتى إذا انقضت فترة من الزمن على الدعوة الإنفرادية ودخل في الدين قرابة ثمانية وثلاثون رجلاً الحَّ أبو بكر رضي الله عنه على الرسول صلى الله عليه وسلم في الظهور بالدعوة، والجهر بها في المسجد الحرام وفي المجامع العامة ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام دعاه إلى الانتظار والتريث لقلة عدد المسلمين بحيث ا يمكنهم المشقات والعذابتحمل في سبيل الجهر بالدعوة.
ومع زيادة الإلحاح والطلب المتوالي ظهر ميدان الدعوة العمومية وقام الصديق لأكبر داعياً إلى الله تعالى. يذكر لنا صاحب البداية والنهاية قصة ابي بكر وما لاقاه من الكفار من الأذى حين طلب من النبي صلى الله عليه وسلم إعلان الإسلام والدعوة إليه أمام قريش وهي قصة معلومة، وبعد ذلك فقد كان أبو بكر صاحب حظ عظيم حيث أنه في ذلك اليوم في الصباح ضرب بالنعل وفي المساء حبيب الله وصفيه يقبله على الوجه الذي ضرب عليه فقال أبو بكر: (بأبي أنت وأمي يا رسول الله ليس بي بأس إلا ما نال الفاسق من وجهي وهذه أمي برة بولدها وأنت مبارك فادعها إلى الله وادع الله لها عسى الله أن يستنقذها بك من النار فدعا لها رسول الله ودعاها إلى الله فأسلمت). وفي ذلك اليوم أسلم حمزة عم الرسول ورضي الله عنه، ودعا النبي صلى الله عليه وسلم نتيجة لهذه التضحيات بالإسلام لأحد العمرين عمر بن الخطاب أو عمرو بن هشام فكانت الدعوة يوم الأربعاء وأسلم عمر بن الخطاب يوم الخميس وذلك ببركة تضحيات أخته وزوجها.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى